responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 507
خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً
قَالَ: فَإِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: الْآنَ عَلِمَ اللَّه أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِلْمَهُ بِضَعْفِهِمْ مَا حَصَلَ إِلَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ. وَالْمُتَكَلِّمُونَ أَجَابُوا بِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُ تَعَالَى قَبْلَ حُدُوثِ الشَّيْءِ لَا يَعْلَمُهُ حَاصِلًا وَاقِعًا، بَلْ يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ، أَمَّا عِنْدَ حدوثه ووقوعه فإن يَعْلَمُهُ حَادِثًا وَاقِعًا، فَقَوْلُهُ: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً معنا: أَنَّ الْآنَ حَصَلَ الْعِلْمُ بِوُقُوعِهِ وَحُصُولِهِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ الْحَاصِلُ هُوَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ سَيَقَعُ أَوْ سَيَحْدُثُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً بِفَتْحِ الضَّادِ وَفِي الرَّوْمِ مِثْلَهُ، وَالْبَاقُونَ فِيهِمَا بِالضَّمِّ، وَهُمَا لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ، الضَّعْفُ وَالضُّعْفُ كَالْمَكْثِ وَالْمُكْثِ. وَخَالَفَ حَفْصٌ عَاصِمًا فِي هَذَا الْحَرْفِ وَقَرَأَهُمَا بِالضَّمِّ وَقَالَ: مَا خَالَفْتُ عَاصِمًا فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَرْفِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الَّذِي اسْتَقَرَّ حُكْمُ التَّكْلِيفِ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ مُكَلَّفٍ وَقَفَ بِإِزَاءِ مُشْرِكَيْنِ، عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا فَالْهَزِيمَةُ عَلَيْهِ مُحَرَّمَةٌ مَا دَامَ مَعَهُ سِلَاحٌ يُقَاتِلُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِلَاحٌ فَلَهُ أَنْ يَنْهَزِمَ، وَإِنْ قَاتَلَهُ ثَلَاثَةٌ حَلَّتْ لَهُ الْهَزِيمَةُ وَالصَّبْرُ أَحْسَنُ. رَوَى الْوَاحِدِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» أَنَّهُ وَقَفَ جَيْشُ مُؤْتَةَ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَأُمَرَاؤُهُمْ عَلَى التَّعَاقُبِ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ عَبْدُ اللَّه بْنُ رَوَاحَةَ فِي مُقَابَلَةِ مِائَتَيْ أَلْفٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِائَةُ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ وَمِائَةُ أَلْفٍ مِنَ الْمُسْتَعْرِبَةِ وَهُمْ لَخْمٌ وَجُذَامُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: بِإِذْنِ اللَّهِ فِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ لَا تقع الغلبة إلا بإذن اللَّه. والإذن هاهنا هُوَ الْإِرَادَةُ.
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِنَا فِي مَسْأَلَةِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ وَإِرَادَةِ الْكَائِنَاتِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ وَالْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى مِنْ قوله: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [الْأَنْفَالِ: 65] فَبَيَّنَ فِي آخِرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْعِشْرِينَ لَوْ صَبَرُوا وَوَقَفُوا فَإِنَّ نُصْرَتِي مَعَهُمْ وَتَوْفِيقِي مُقَارِنٌ لَهُمْ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَا صَارَ مَنْسُوخًا بَلْ هُوَ ثَابِتٌ كَمَا كَانَ، فَإِنَّ الْعِشْرِينَ إِنْ قَدَرُوا عَلَى مُصَابَرَةِ الْمِائَتَيْنِ بَقِيَ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مصابرتهم فالحكم المذكور هاهنا زائل.

[سورة الأنفال (8) : الآيات 67 الى 69]
مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)
[في قوله تعالى مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى] وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَعْلِيمُ حُكْمٍ آخَرَ مِنْ أَحْكَامِ الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ أَبُو عمر تَكُونَ بِالتَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ، أَمَّا قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو بِالتَّاءِ فَعَلَى لَفْظِ الْأَسْرَى، لِأَنَّ الْأَسْرَى وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ التَّذْكِيرَ لِلرِّجَالِ فَهُوَ مُؤَنَّثُ اللَّفْظِ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْيَاءِ فَلِأَنَّ الْفِعْلَ مُتَقَدِّمٌ، وَالْأَسْرَى مُذَكَّرُونَ فِي الْمَعْنَى، وَقَدْ وَقَعَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إِذَا انْفَرَدَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست